لاشك أن تنظيم المؤتمر الإقتصادي خطوة مهمة في اتجاه الوقوف على التحديات التي تواجه الإقتصاد القومي، ووضع حلول متنوعة له هو الأمر المهم، سواء كانت من خلال حلول عاجلة، أو على المدى القصير، والمتوسط ، والطويل، ولا يقف الأمر عند التحليل والتنظير وهو أسهل الطرق.
تابعت التحضيرات للمؤتمر وجدول أعماله والقضايا المطروحة على موائد الحوار، وطبيعة وتخصصات وتوجهات المشاركين في الحوار من الداخل والخارج، وكانت أولى الملاحظات الأولوية ضعف وصغر المساحة المتاحة للأراء من خارج الحكومة، خصوصا الأحزاب والقوى السياسية، وقوى المعارضة.
فهذه المساحة في اليوم الأول ونصف اليوم الثاني، كانت دون الحد المأمول، بل اختفت نسبيا في بعض الجلسات، فمن حق الحكومة أن تعرض وجهة نظرها وخططها، وعرض ما أنجزته، في السنوات الماضية، ولكن بما لا يقطع الطريق على أراء المعارضين، وأصحاب الفكر الإقتصادي المختلف مع الحكومة في إدارتها لدفة الإقتصاد.
وكانت التحضيرات للمؤتمر تركز على أن الجلسات يجب أن تشهد مشاركة مناسبة من المعارضين ورؤى الخبراء من خارج دائرة الحكم، والمستقلين، والباحثين، وأصحاب الأعمال والإستثمارات، ورجال الأعمال، ورؤساء وممثلي القطاع الخاص، والغرف التجارية والصناعية، وغير ذلك من القطاع المدني، إلا أن ملاحظة المراقبين تشير إلى أن رؤية المعارضة لم تأت بالشكل الأنسب.
بعيدا عن هذا فمن الملاحظات المهمة في جلسات المؤتمر في يومه الأول ونصف اليوم الثاني، فقد عرضت مجموعة من النقاط، ومنها كيفية تنشيط قطاع التصدير، باعتباره أهم مدخل لتدفق الإيرادات من النقد الأجنبي، وهذا يحتاج إلى مشروعات إنتاجية على المدى المتوسط والطويل.
وفي مثل هذه الحالة هناك رؤية هي الأسرع، لتحقيق طفرة في الإنتاج القابل للتصدير، من خلال دعم الشراكات بين شركات قطاع الأعمال والقطاع الخاص، وعدد كبير منها جاهز للإنتاج والتصدير، ولكن بحاجة إلى إلى تحديثات وتطوير، بما يواكب متطلبات أسواق التصدير، بدلا من الإنتظار لسنوات طويلة، لتأسيس مشروعات جديدة، وهو أمر يحتاج لنفس طويل، وبحاجة إلى وقت خصوصا في ظل الأزمات التي تحيط بالعالم، وفي ظل تخوفات من الإستثمارات.
وأعتقد أن الأمر بحاجة إلى رؤية مقنعة للقطاع الخاص، وضمانات تعزز من حالة اليقين في الإستثمار، وفق وصف الدكتور زياد بهاء الدين، والذي وضع يده على عدة نقاط مهمة ، في المرحلة الحالية، ومنها قضية تخفيف الرسوم غير الضريبية، والتي تمثل عبئا كبيرا على المستثمر.
ولفت أيضا إلى مورد مهم وسريع لتشيط الإنتاج وبالتالي التصدير، وهو الموافقة على الطلبات الحالية من المستثمرين، والشركات القائمة، سواء كانت تلك الطلبات خاصة بتوسعات إنتاجية، أو تطوير خطوط انتاج، وتعظيم الأعمال الحالية، وغير ذلك من الطلبات التي من شأنها تصب في إنتاج قابل للتصدير، يحقق بالتالي موارد متجددة من النقد الأجنبي، إلا جانب توفير العديد من فرص العمل لمواجهة طابور البطالة.
وفي هذا الصدد أثير طلب قديم جديد، ويتعلق بمد يد العون لعشرات الآلاف من الشركت والمصانع المغلقة، وهي بحاجة لشكل من أشكال التمويل والدعم والتسهيلات، وحل مشاكل تواجهها، وهذا أيضا يصب في تعزيز قطاعات الإنتاج والتصدير والتشغيل، وإعادة عجلة الإنتاج للدوران.
ومازالت النقطة الغائبة الشأن النقدي، تتعلق بمستقبل سعر الصرف في ظل قرب التوقيع على الإتفاق الجديد مع صندوق النقد الدولي، للحصول على قرض لا تقل قيمته عن 5 مليارات دولار، وغياب الشفافية في هذا الأمر سيدفع إلى تقديرات جزافية في حسابات التكاليف، وبالتالي تصل قيمة السلعة والخدمة إلى المواطن بسعر أعلى كثيرا جدا من تكلفته الحقيقية.
القضايا كثيرة في المؤتمر، والذي مازال تدور أعماله، والأهم هو تحويل الكلمات إلى برامج عمل على الأرض، .. وألا تكون الحكومة قد أعدت مسبقا قرارات وإجراءات، قبل أن يتم بلورة رؤى من أفكار ومشاكل المتحدثين، .. بالرغم من أن الحكومة تعلم جيدا العديد من مشاكل البلاد الإقتصادية المتراكمة، مع تنشيط القطاع السياحي، وهو الأسرع في توفير النقد الأجنبي.
ويبقى أن الأهم هو أن تلامس القرارت احتياجات الناس اليومية، وتخوفاتهم التي لا تغيب عن أحد.
--------------------------------
بقلم: محمود الحضري